الدوحة في 13 سبتمبر /قنا/ يشكل الهجوم الإسرائيلي الغادر الذي استهدف أحد المقرات السكنية لعدد من قادة حركة حماس في العاصمة الدوحة خرقا واضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما يمثل تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار الإقليمي، عبر استهداف دولة ذات سيادة تقوم بدور محوري في جهود الوساطة بدعم دولي واسع منذ ما يقارب العامين لإنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وتعكس جريمة استهداف أحد المقار السكنية لأعضاء وموظفي الوفد التفاوضي لحركة “حماس” تصعيدا خطيرا في النهج الإسرائيلي، تعكس اتجاها مقلقا نحو توسيع دائرة الاعتداءات، وتحديا سافرا للإرادة الدولية، وانتهاكا صارخا للمبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول.
وقد أثار هذا الهجوم موجة استنكار واسعة، حيث عبرت عواصم العالم ومنظماته الدولية عن وقوفها إلى جانب قطر ودعمها الثابت لسيادتها وسلامة أراضيها في وجه هذا العدوان، وأدانت التجاوزات الإسرائيلية التي تنتهك القوانين الدولية وتضرب عرض الحائط بكل الأعراف الدبلوماسية.
وفي هذا السياق، أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن لقطر كامل الحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمنها والمحافظة على سيادتها تجاه العداون الإسرائيلي الأخير.
وفي هذا الإطار، يبرز أيضا الدعم العربي والإسلامي من خلال القمة الطارئة التي تستضيفها العاصمة الدوحة بعد غد الإثنين والتي تعقد في ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي الغادر على قطر.
ومن المقرر أن تناقش القمة مشروع بيان بشأن الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر مقدم من الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية الذي سينعقد يوم غد الأحد، في خطوة تعكس الحرص الجماعي على توحيد المواقف إزاء هذا التهديد السافر، وتنسيق الجهود المشتركة للتصدي للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
كما تهدف القمة إلى دعم جهود الدوحة المتواصلة في ملف الوساطة، وحماية الشعب الفلسطيني من بطش الاحتلال، وإيصال رسالة حازمة إلى المجتمع الدولي بضرورة التصدي لانفلات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي تواصل تصدير أزماتها الداخلية عبر توسيع دائرة العدوان في المنطقة دون وازع أو رادع.
وعلى مر العقود الثمانية منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945 عقدت 50 قمة عربية منها 34 عادية و16 قمة طارئة، وقد استضافت العاصمة القطرية الدوحة 3 قمم عربية.
وعلى الدوام، احتلت القضية الفلسطينية مركز الصدارة في أولويات القادة العرب مؤكدين أنه بدون استعادة الفلسطينيين لحقوقهم الكاملة التي نصت عليها المواثيق والمعاهدات وقرارات الشرعية الدولية، فلن يتحقق السلام والاستقرار بالمنطقة، بل إن غاية تأسيس الجامعة العربية، كان دعم استقلال الدول العربية وأمنها وسلامتها، والدفاع عن أي دولة عربية تتعرض للتهديد أو العدوان.
ومنذ انطلاق القمة الطارئة الأولى في مدينة “أنشاص” المصرية في مايو عام 1946، كان هناك تأكيد واضح على التضامن العربي مع القضية الفلسطينية والوقوف الدائم إلى جانب الدول العربية والحفاظ على سيادتها.
وفي نوفمبر عام 1956 عقد مؤتمر القمة العربية غير العادي الثاني في بيروت، ودعا إلى الوقوف إلى جانب مصر ضد العدوان الثلاثي عليها، وأكد على سيادة مصر على قناة السويس، كما أيد المؤتمر نضال الشعب الجزائري للاستقلال.
وقد انعقدت القمة الطارئة الخامسة بمدينة فاس المغربية في سبتمبر 1982، وأقر خلالها مشروع السلام العربي.
كما استضافت الدار البيضاء القمة الطارئة السادسة في أغسطس 1985، لبحث القضية الفلسطينية، وتدهور الأوضاع في لبنان، والإرهاب الدولي.
وجاءت القمة العربية الطارئة السابعة بالعاصمة الأردنية عمان في نوفمبر 1987، حيث أكدت على التمسك باسترجاع جميع الأراضي العربية المحتلة والقدس الشريف كأساس للسلام، وضرورة بناء القوة الذاتية للعرب.
وفي الجزائر في يونيو 1988، أصدرت القمة العربية الطارئة الثامنة، قرارات كان أهمها: دعم الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، وتعزيز فعاليتها وضمان استمراريتها والمطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تحت إشراف الأمم المتحدة.
وفي المغرب، استضافت الدار البيضاء القمة العربية عام 1989، وهي القمة غير العادية التاسعة، وكان من أهم قراراتها تقديم الدعم والمساعدة المعنوية والمادية للانتفاضة الفلسطينية، وتأييد عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، وتأييد قيام دولة فلسطين المستقلة والعمل لتوسيع الاعتراف بها.
وبدورها شهدت العاصمة العراقية بغداد، أعمال القمة العربية غير العادية العاشرة في مايو 1990، وأيدت استمرار الانتفاضة الفلسطينية.
وفي القاهرة، عقد مؤتمر القمة العربية غير العادي الحادي عشر في أغسطس 1990، وأكدت على سيادة الكويت واستقلالها وسلامتها الإقليمية.
كما استضافت القاهرة القمة الطارئة الثالثة عشرة في أكتوبر 2000، للرد على أحداث العنف التي رافقت اقتحام رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون للحرم الأقصى الشريف.
من جانبها، وفي يناير 2009، احتضنت العاصمة القطرية الدوحة “قمة غزة” بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع، ودعت إلى تعليق المبادرة العربية للسلام ووقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، وإنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة، كما أدانت القمة في بيانها الختامي إسرائيل لعدوانها على غزة وطالبتها بالوقف الفوري لجميع أشكال العدوان والانسحاب الفوري من قطاع غزة، ورفع الحصار عنه.
وفي العاصمة السعودية الرياض، انعقدت قمة عربية إسلامية مشتركة في نوفمبر 2023، وجددت القمة رفضها القاطع للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، ورفض إعاقة عمل الوكالات الإنسانية في غزة، وأهمية التحرك بشكل مشترك، مع التأكيد على أن فلسطين مؤهلة لعضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وفي القاهرة أيضا، عقدت قمة عربية طارئة في مارس 2025، لمواجهة تحدي التهجير وتصفية القضية الفلسطينية وإعادة إعمار غزة، واستئناف المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات للفلسطينيين.
لقد شكلت القمم العربية الطارئة على مر العقود ركائز أساسية لخدمة القضية الفلسطينية وتجسيد التضامن العربي، وتأكيد الوحدة والعمل المشترك للدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته.
وفي هذا الإطار تأتي القمة العربية الإسلامية الطارئة المرتقبة التي تنعقد في توقيت بالغ الحساسية، في ظل توسيع الكيان الإسرائيلي عدوانه ليشمل إلى جانب قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، لبنان واليمن وسوريا وقطر متجاوزا كل القوانين والأعراف الدولية وهو وضع يستدعي تضافر الجهود وتوحيد الصفوف لمواجهة الإرهاب الإسرائيلي بكل حزم.
المصدر وكالة الأنباء القطرية
اترك تعليقاً